مقال خاص

النموذج الديمقراطي

Sen, 14 Maret 2011 | 09:03 WIB

تعاني إندونيسيا من زيادة في التطرف ومستوى معين من الحصرية الدينية التي أدت إلى هجمات ضد أقليات دينية معينة، ولذا قد يرى البعض أنها لا تعتبر نموذجاً للآخرين. إلا أنها كدولة مرت بانتقال سياسي سلمي نسبيّاً ونجحت في حّل التوترات بين مبادئ الشريعة والديمقراطية الدستورية، وبهذا المعنى أصبحت تعتبر نموذجاً غنيّاً بالتجارب بالنسبة لدول أخرى ذات غالبيات إسلامية وخاصة عندما تمر في مرحلة انتقالية.

وإندونيسيا التي يزيد عدد سكانها على 200 مليون، تعتبر هي أكبر دولة إسلامية في العالم، كما أنها فريدة في تحولها السياسي والاجتماعي والثقافي من نظام سلطوي إلى ديمقراطية في أواخر تسعينيات القرن الماضي. ومنذ انهيار نظام سوهارتو السلطوي، الذي أسقطته مظاهرات الطلبة الاحتجاجية، عقدت إندونيسيا ثلاثة انتخابات عامة (1999، 2004، 2009) مثبتة أن الإسلام لا يتعارض مع الديمقراطية.

وقد أصدرت حكومة &a<>mp;#1605;ا بعد سوهارتو سلسلة من القوانين والأنظمة الموجهة نحو ضمان حرية الشعب في التعبير عن وجهات نظره التي طالما قُمِعت، وأن له الحق في تشكيل الأطر السياسية ومعرفة الحقائق من خلال صحافة حرة، وكذا التصويت في انتخابات عامة.

وضمن جهوده في تعلم دروس من هذه الأحداث، جمع مركز دراسات الإسلام بجامعة الدولة الإسلامية سياريف هداية الله في جاكرتا في بداية هذا العام، وبالتعاون مع برنامج تدريب قادة إندونيسيا الشباب بجامعة ليدن في هولندا، علماء من كافة أنحاء العالم للاطلاع على واقع الإسلام في إندونيسيا من منظور عالمي، مثيرين السؤال: هل الإسلام في إندونيسيا مختلف؟

وقد عقد الاجتماع في وقت مناسب بشكل لم يتوقعه أحد، حيث تم عقده فوراً بعد إجبار الرئيس التونسي السابق بن علي على التنحّي، الأمر الذي ألهم كثيراً من الناس في أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على الوقوف ضد بعض النظم في المنطقة.

وفي الوقت الذي عرفت فيه إندونيسيا ظهور جماعات إسلامية متطرفة تنزع إلى العنف والتمرد المسلّح بشكل منهجي ومنظّم، يبقى المسلمون من التيار الرئيس معتدلين بشكل كبير.

ولكن ما زال أمام إندونيسيا كثير من العمل يتعين عليها القيام به على طريق الإصلاح وترسيخ ثقافة التسامح، وقد تكون في موقف يسمح لها بأن تتعلم من دول في الشرق الأوسط حققت نجاحات أكبر في التعامل مع تحديات مماثلة. إلا أن نجاح إندونيسيا في تنفيذ الإصلاحات السياسية التي أدت إلى حرية الصحافة والانتخابات الديمقراطية والتكتل الاجتماعي النشط لا يمكن تجاهله.

وقد أشار بعض المشاركين في المؤتمر إلى أن إصلاحات إندونيسيا السياسية ليست وحيدة من نوعها في العالم الإسلامي. ومع هذا في موضوع الوعي بالنوع الاجتماعي على سبيل المثال، أشارت "آن كال"، المشارِكة من مركز دراسات شرقي وجنوب شرق آسيا بجامعة لوند السويدية إلى أن المساواة في النوع الاجتماعي كانت منتشرة بشكل واسع في إندونيسيا، حتى بين الجماعات المسلمة القديمة والمؤسسات الدينية.

ففي جامعات الدولة الإسلامية والمدارس الدينية الداخلية، تم تضمين مواضيع حساسة من حيث النوع الاجتماعي، مثل دور المرأة في المجتمع وحقوقها الإنجابية والتفسيرات الصديقة للإسلام في مناهج الثقافة الاجتماعية وغيرها من البرامج.

وتُظهِر بحوث الأستاذة "كال" مقارنة بدول مجاورة في جنوب شرق آسيا مثل ماليزيا وسنغافورة وتايلند والفلبين، وكذلك باكستان وبنغلادش والهند "أن هناك عدداً أكبر بكثير من المقومات التقدمية والليبرالية في الثقافة الإسلامية في إندونيسيا".

وفي الوقت الذي يختلف فيه نظام التعليم في الدول ذات الغالبية المسلمة بشكل كبير من دولة إلى أخرى، فإن التوجه الذي تتخذه المدارس الإندونيسية لعرض قضايا النوع الاجتماعي في مناهج مختلفة يمكن تكراره وتبنّيه.

وعلى رغم جسامة تحديات إندونيسيا الداخلية، وعندما يعود الأمر إلى تقوية العلاقات الاجتماعية، ووضع المناهج التي تلعب دوراً في قضايا النوع الاجتماعي والقناعة الواسعة بتناغم الديمقراطية مع الإسلام، تبرز إندونيسيا كمثال للدول الأخرى التي تكافح ضمن مراحل التحولات المضطربة في فترات ما بعد النظم السلطوية.

ديدين نورول روسيدين

أكاديمي إندونيسي

الاتحاد، نهضة العلماء أون لاين

Terkait

مقال خاص Lainnya

Lihat Semua